فصل: باب القود فيما دون النفس

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***


باب القود فيما دون النفس

لما فرغ من بيان القصاص في النفس أتبعه بما هو بمنزلة التبع وهو القصاص في الأطراف عناية‏.‏ ثم اعلم أنه لا يقاد جرح إلا بعد برئه خلافا للشافعي كما سيأتي آخر الشجاج ‏(‏قوله رعاية حفظ المماثلة‏)‏ الأولى الاقتصار على المتن، فإن الرعاية الحفظ ط ‏(‏قوله فيقاد إلخ‏)‏ أي سواء حصل الضرب بسلاح أو غيره، لما قدمه أنه ليس فيما دون النفس شبه عمد ‏(‏قوله من المفصل‏)‏ وزان مسجد أحد مفاصل الأعضاء مصباح ‏(‏قوله من نصف ساعد إلخ‏)‏ المراد به ما لا يكون من المفصل ‏(‏قوله أو قصبة أنف‏)‏ أتى بمن عطفا على من الأولى لا على ساعد؛ لأنه لا قصاص بقطع القصبة كلها أو نصفها؛ لأنها عظم كما في الجوهرة ‏(‏قوله لامتناع حفظ المماثلة‏)‏ لأنه قد يكسر زيادة من عضو الجاني أو يقع خلل فيه زائد ط ‏(‏قوله وإن كانت يده أكبر منها‏)‏ أي من المقطوعة، وهذا بخلاف ما إذا شجه موضحة فأخذت الشجة ما بين قرني المشجوج ولا تأخذ ما بين قرني الشاج لكبر رأسه حيث اعتبر الكبر، وخير المشجوج بين الاقتصاص بمقدار شجته وبين أخذ أرش الموضحة، لأن المعتبر في ذلك الشين، وبالاقتصاص بمقدارها يكون الشين في الثانية أقل، وبأخذه ما بين قرني الشاج زيادة على حقه فانتفت المماثلة صورة ومعنى، فإن شاء استوفاها معنى وهو بمقدار شجته ويترك الصورة؛ وإن شاء أخذ أرشها‏.‏ أما اليد الكبيرة والصغيرة فمنفعتهما لا تختلف عناية وغيرها، وقيد بالكبر لأنه لا تقطع الصحيحة بالشلاء ولا اليمين باليسرى وعكسه كما في الجوهرة ويأتي تمامه ‏(‏قوله والمارن‏)‏ هو ما لان من الأنف، واحترز به عن القصبة كما مر‏.‏ قال ط‏:‏ وإذا قطع بعضه لا يجب ذخيرة‏.‏ وفي الأرنبة حكومة عدل على صحيح خزانة المفتين؛ وإن كان أنف القاطع أصغر خير المقطوع أنفه الكبير إن شاء قطع وإن شاء أخذ الأرش محيط‏.‏ وكذا إذا كان قاطع الأنف أخشم لا يجد الريح، أو أصرم الأنف أو بأنفه نقصان من شيء أصابه فإن المقطوع مخير بين القطع وبين أخذ دية أنفه ظهيرية ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله والأذن‏)‏ أي كلها؛ وكذا بعضها إن كان للقطع حد يعرف تمكن فيه المماثلة وإلا سقط القصاص إتقاني، ولو كانت أذن القاطع صغيرة أو خرقاء أو مشقوقة والمقطوعة كبيرة أو سالمة خير المجني عليه، إن شاء قطع وإن شاء ضمن نصف الدية وإن كانت المقطوعة ناقصة كان له حكومة عدل تتارخانية ‏(‏قوله وكذا عين إلخ‏)‏ ولو كبيرة بصغيرة وعكسه، وكذا يقتص من اليمنى باليسرى لا بالعكس بل فيه الدية خلافا للخانية‏.‏ ولو ذهب بياضها ثم أبصر فلا شيء عليه أي إن عاد كما كان، فلو دونه فحكومة كما لو ابيضت مثلا كما في القهستاني عن الذخيرة در منتقى‏.‏ أقول‏:‏ قوله وكذا يقتص إلخ في القهستاني خلافه‏.‏ والذي في الخانية هو ما يذكره عن المجتبى قريبا‏.‏ وفي الجوهرة أجمع المسلمون على أنه لا تؤخذ العين اليمنى باليسرى ولا اليسرى باليمنى ا هـ‏.‏ ويأتي تمامه قريبا فتنبه ‏(‏قوله فزال ضوءها‏)‏ قال بعضهم‏:‏ يعرف ذلك إذا أخبر رجلان من أهل العلم‏.‏ وقال ابن مقاتل بأن لا تدمع إذا قوبلت مفتوحة للشمس ‏(‏قوله فيجعل إلخ‏)‏ هذه الحادثة وقعت في زمن عثمان رضي الله عنه فشاور الصحابة فلم يجيبوه حتى جاء علي وقضى بالقصاص وبين هكذا ولم ينكر عليه فاتفقوا عليه معراج ‏(‏قوله بمرآة‏)‏ بكسر الميم ومد الهمزة‏:‏ آلة الرؤية‏.‏ ورأيت بخط بعض العلماء أن المراد بها هنا فولاذ صقيل يرى به الوجه لا المرآة المعروفة من الزجاج

‏(‏قوله وعن الثاني إلخ‏)‏ عبارة المجتبى‏:‏ ولو فقأ عينا حولاء والحول لا يضر ببصره يقتص منه وإلا ففيه حكومة عدل‏.‏ عن أبي يوسف‏:‏ لا قصاص في فقء العين الحولاء مطلقا ا هـ‏.‏ وظاهره ترجيح الأول، وعليه اقتصر في الخانية نقلا عن أبي الحسن، لكن قال قبله بورقة‏:‏ ولا قصاص في عين الأحول، وظاهره الإطلاق، وعادته تقديم ما هو الأشهر فلذا اقتصر عليه الشارح، وكذا ظاهر كلام الشرنبلالية الميل إليه فافهم‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

ضرب عين إنسان فابيضت بحيث لا يبصر بها لا قصاص فيه عند عامة العلماء لتعذر المماثلة فقأ عين رجل وفي عين الفاقئ بياض ينقصها فللرجل أن يفقأ البيضاء أو أن يأخذ أرش عينه‏.‏ جنى على عين فيها بياض يبصر بها وعين الجاني كذلك فلا قصاص بينهما‏.‏ وفي العين القائمة الذاهب نورها حكومة عدل، وكذا لو ضربها فابيض بعض الناظر أو أصابها قرحة أو ريح أو سبل أو شيء مما يهيج بالعين فنقص من ذلك تتارخانية ‏(‏قوله كموضحة‏)‏ هي التي توضح العظم‏:‏ أي تظهره، وكذا يجب القصاص فيما دونها في ظاهر الرواية كما سيأتي في الشجاج

‏(‏قوله إلا السن‏)‏ استثناء متصل أو منقطع، فإن الأطباء اختلفوا فقيل إنه عصب يابس؛ لأنه يحدث وينمو بعد تمام الخلقة؛ وقيل عظم وكأنه وقع عند صاحب الهداية أنه عظم، حتى قال‏:‏ والمراد منه غير السن، وعليه فالاستثناء متصل‏.‏ والفرق بينه وبين غيره إمكان المساواة بأن يبرد بالمبرد معراج وعناية ‏(‏قوله لما مر‏)‏ أي من اتحاد المنفعة وفيه إشارة إلى أنها أصلية سليمة‏.‏ ففي القهستاني‏:‏ أل للعهد أي سن أصلية فلا قصاص في السن الزائدة ا هـ‏.‏ أي بل فيها حكومة عدل كما في التتارخانية‏.‏ وفيها أيضا‏:‏ وسن الجاني سوداء أو صفراء أو حمراء أو خضراء، إن شاء المجني عليه اقتص أو ضمنه أرش سنه خمسمائة، ولو المعيب سن المجني عليه فله الأرش حكومة عدل ولا قصاص ‏(‏قوله موضع أصل السن‏)‏ بدل مما قبله ط ‏(‏قوله ويسقط ما سواه‏)‏ أي ما كان داخلا في اللحم ‏(‏قوله إذ ربما تفسد لهاته‏)‏ أي لو قلع، والتعبير باللهاة وقع في النهاية وتبعه الزيلعي والمصنف والشارح، والصواب لثاته كما وقع في الكفاية‏.‏ قال في المغرب‏:‏ اللهاة لحمة مشرفة على الحلق، قوله من تسحر بسويق لا بد أن يبقى بين أسنانه ولهاته شيء كأنه تصحيف لثاته وهي لحمات أصول الأسنان ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وبه أخذ صاحب الكافي‏)‏ أي بالقول بالبرد وعليه مشى شراح الهداية، وعزوه إلى الذخيرة والمبسوط، وتبعهم في الجوهرة والتبيين، ولم يتعرضوا للقول بالقلع أصلا، بل قالوا لا تقلع، وإنما تبرد مع أنه في الهداية قال‏:‏ ولو قلع من أصله يقلع الثاني فيتماثلان، وكأن الشراح لم يرتضوا به لكن مشى عليه في مختصر الوقاية والملتقى والاختيار والدرر وغيرها‏.‏ ونقل الطوري عن المحيط أن في المسألة روايتين‏.‏ ونقل بعضهم عن المقدسي أنه قال‏:‏ ينبغي اختيار البرد خصوصا عند تعذر القلع، كما لو كانت أسنانه غير مفلجة بحيث يخاف من قلع واحد أن يتبعه غيره أو أن تفسد اللثة ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ يؤيده ما في شرح مسكين عن الخلاصة‏:‏ النزع مشروع، والأخذ بالمبرد احتياط ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله قال المصنف إلخ‏)‏ لم أره في المنح ولا في المجتبى ‏(‏قوله كما تبرد إلى أن يتساويا إن كسرت‏)‏ هذا إذا لم يسود الباقي وإن اسود لا يجب القصاص، فإن طلب المجني عليه استيفاء قدر المكسورة وترك ما اسود لا يكون له ذلك‏.‏ وفي ظاهر الرواية إذا كسر السن لا قصاص فيه خانية، وسيأتي في كتاب الديات، وفي البزازية قال القاضي الإمام‏:‏ وفي كسر بعض السن إنما يبرد بالمبرد إذا كسر عن عرض، أما لو عن طول ففيه الحكومة ا هـ‏.‏ شرنبلالية‏.‏ وفي التتارخانية إن كسر مستويا يمكن استيفاء القصاص منه اقتص وإلا فعليه أرش ذلك، في كل سن خمس من الإبل أو البقر ا هـ‏.‏ فعلم تقييده أيضا بما إذا أمكن فيه المساواة‏.‏ وفي الخانية ضرب سن رجل فاسود فنزعها آخر فعلى الأول أرش تام خمسمائة وعلى الثاني حكومة عدل ا هـ‏.‏ وفيها‏:‏ كسر ربع سن رجل وربع سن الكاسر مثل سن المكسور ذكر ابن رستم أنه يكسر من الكاسر، ولا يعتبر فيه الصغر والكبر بل يكون على قدر ما كسر، وكذا لو قطع أذن إنسان أو يده وأذن القاطع أو يده أطول ا هـ‏.‏

‏[‏تنبيه‏]‏

قال في الخلاصة‏:‏ ولو كسر بعض السن فسقط الباقي لا يجب القصاص في المشهور من الرواية، ولو ضربها فتحركت ولم تتغير فقلعها آخر فعلى كل حكومة عدل ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله فإن لم تثبت يقتص‏)‏ أي فيما إذا قلعت، وذكر في المجتبى أيضا أنه إذا كسر بعضها ينتظر حولا، فإذا لم تتغير تبرد، وكذا ذكر فيما إذا تحركت ينتظر حولا فإن احمرت أو اخضرت أو اسودت تجب ديتها في ماله قال‏:‏ وفي الاصفرار اختلاف المشايخ ‏(‏قوله وقيل يؤجل الصبي‏)‏ عبارة المجتبى والأصل عندنا أنه يستأنى في الجنايات كلها عمدا كان أو خطأ ومحمد ذكر الاستيناء في التحريك دون القلع‏.‏ واختلف في القلع‏.‏ قال القدوري‏:‏ يستأنى الصبي دون البالغ، وقيل يستأنى فيهما ا هـ‏.‏ ونقل ط عن الظهيرية إن ضرب سن رجل فسقطت ينتظر حتى يبرأ موضع السن ولا ينتظر حولا إلا في رواية المجرد، والصحيح هو الأول لأن نبات سن البالغ نادر ا هـ‏.‏ وسينقله الشارح في الشجاج عن الخلاصة والنهاية، ويأتي تحقيقه هناك إن شاء الله تعالى ‏(‏قوله فلو مات الصبي في الحول برئ‏)‏ أي أو مات الصبي قبل تمام السنة فلا شيء على الجاني عند أبي حنيفة مجتبى ‏(‏قوله وكذا الخلاف إلخ‏)‏ قال في المجتبى‏:‏ إذا استأنى في التحريك فلم يسقط فلا شيء عليه وقال أبو يوسف‏:‏ تجب حكومة عدل الألم‏:‏ أي أجر القلاع والطبيب، وإن سقط يجب القصاص في العمد، والدية في الخطأ، فإن قال الضارب سقط لا بضربتي فالقول للمضروب استحسانا ا هـ‏.‏ زاد في التتارخانية‏:‏ وليس هذا في شيء من الجنايات إلا في السن للأثر، فإن جاء بعد السنة والسن ساقط فقال الضارب سقط في السنة فالقول للمضروب أنها سقطت من ضربه، وإن قال بعد السنة فللضارب ‏(‏قوله حكومة عدل الألم‏)‏ حكومة العدل بمعنى الأرش فكأنه قال أرش الألم ا هـ‏.‏ ح، أو يقال الإضافة بيانية، أي حكومة هي عدل الألم‏:‏ أي ما يعادله من الدراهم تأمل ‏(‏قوله أي أجر القلاع‏)‏ الذي رأيته في التتارخانية أخر العلاج ‏(‏قوله وسنحققه‏)‏ أي في أثناء فصل الشجاج وفي آخره ‏(‏قوله والحاصل إلخ‏)‏ أفاد أن ذلك ليس خاصا في السن بل غيرها كذلك‏.‏ قال في الجوهرة‏:‏ وأجمع المسلمون على أنه لا تؤخذ العين اليمنى باليسرى ولا اليسرى باليمنى وكذا اليدان والرجلان وكذا أصبعهما، ويؤخذ إبهام اليمنى باليمنى والسبابة بالسبابة والوسطى بالوسطى، ولا يؤخذ شيء من أعضاء اليمنى إلا باليمنى ولا اليسرى إلا باليسرى ا هـ‏.‏

‏(‏قوله ولا قود عندنا إلخ‏)‏ فيجب الأرش في ماله حالا جوهرة ‏(‏قوله في طرفي رجل وامرأة‏)‏ عبارة القدوري‏:‏ ولا قصاص بين الرجل والمرأة فيما دون النفس إلخ‏.‏ ومفاده أن المراد بالطرف ما دون النفس فيشمل السن والعين والأنف ونحوها، وهو مفاد الدليل الآتي‏.‏ وفي الكفاية‏:‏ فإن قيل قوله تعالى‏:‏ ‏{‏والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن‏}‏ مطلق يتناول مواضع النزاع‏.‏ قلنا‏:‏ قد خص منه الحربي المستأمن والعام إذا خص يجوز تخصيصه بخبر الواحد ا هـ‏.‏ وفي الشرنبلالية عن المحيط‏:‏ قيل لا يجري القصاص في الشجاج بين الرجل والمرأة لأن مبناه على المساواة في المنفعة والقيمة ولم توجد‏.‏ وقيل يجري، ونص عليه محمد في المبسوط لأن في قطع الأطراف تفويت المنفعة وإلحاق الشين وقد تفاوتا، وليس في هذه الشجاج تفويت منفعة، وإنما هو إلحاق الشين وقد تساويا فيه ا هـ‏.‏ واقتصر في الاختيار على الثاني فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله بدليل إلخ‏)‏ قال الزيلعي‏:‏ ولنا أن الأطراف يسلك بها مسلك الأموال لأنها وقاية الأنفس كالأموال، ولا مماثلة بين طرفي الذكر والأنثى للتفاوت بينهما في القيمة بتقويم الشارع، ولا بين الحر والعبد، ولا بين العبدين للتفاوت في القيمة، وإن تساويا فيها فذلك بالحزر والظن وليس بيقين فصار شبهة فامتنع القصاص، بخلاف طرفي الحرين لأن استواءهما متيقن بتقويم الشرع، وبخلاف الأنفس لأن القصاص فيها يتعلق بإزهاق الروح ولا تفاوت فيه ا هـ‏.‏؛ وبه يحصل الجواب عن قول الإمام الشافعي الآتي حيث ألحق الأطراف بالأنفس ‏(‏قوله قلت هذا هو المشهور‏)‏ وهو المذكور في الشروح والمستفاد من إطلاق المتون فكان هو المعتمد‏.‏ وقد ذكر في الكفاية الفرق بين عدم جواز استيفاء الناقص بالكامل هنا وبين جوازه فيما يأتي فيما إذا كان القاطع أشل أو ناقص الأصابع بما حاصله؛ لأن النقصان هنا أصلي فيمنع القصاص لفوات محله وفيما يأتي كان التساوي ثابتا في الأصل والتفاوت بأمر عارض ‏(‏قوله ولا بين عبدين‏)‏ فلصاحب العبد الأعلى اختيار الاستيفاء من الأدنى ط ‏(‏قوله وطرف المسلم والكافر‏)‏ أي وطرف الكافر‏:‏ أي الذمي سيان أي متساويان فيجري فيهما القصاص، وكذا بين المرأتين المسلمة والكتابية، وكذا بين الكتابيتين جوهرة

‏(‏قوله ولا في قطع يد إلخ‏)‏ أي بل فيه حكومة عدل أتقاني ‏(‏قوله لما مر‏)‏ أي من امتناع رعاية المماثلة ط ‏(‏قوله ولا في جائفة برئت‏)‏؛ لأن البرء نادر فيفضي الثاني إلى الهلاك ظاهرا هداية‏.‏ والجائفة‏:‏ هي التي تصل إلى البطن من الصدر أو الظهر أو البطن فلا قصاص لانتفاء شرطه بل يجب ثلث الدية، ولا تكون الجائفة في الرقبة والحلق واليدين والرجلين، ولو في الأنثيين والدبر فهي جائفة أتقاني ‏(‏قوله فإن سارية‏)‏ بأن مات منها‏.‏ والأخصر من يقال فلو لم تبرأ ينتظر البرء أو السراية فيقتص ‏(‏قوله به يفتى‏)‏ وهو الصحيح قهستاني عن المضمرات، وهو مفاد إطلاق المتون ولا سيما والاستثناء من أدوات العموم وهو قولهم إلا أن يقطع الحشفة فيفيد أن لا قصاص في قطع غيرها أصلا ‏(‏قوله لكن جزم قاضي خان بلزوم القصاص‏)‏ يعني في الذكر وحده إذا قطع من أصله لا في اللسان فإن قال في الخانية‏:‏ رجل قطع لسان إنسان ذكر في الأصل أنه لا قصاص فيه، وقال أبو يوسف‏:‏ لا قصاص في بعض اللسان ا هـ‏.‏ ثم قال في الخانية‏:‏ وفي قطع الذكر من الأصل عمدا قصاص، وإن قطع من وسطه فلا قصاص فيه وهذا في ذكر الفحل، فأما في ذكر الخصي والعنين حكومة عدل‏.‏ وفي ذكر المولود إن تحرك يجب القصاص إن كان عمدا، والدية إن كان خطأ، وإن لم يتحرك كان فيه حكومة عدل‏.‏ ولا قصاص في قطع اللسان ا هـ‏.‏ فقد فرق بين اللسان والذكر كما ترى، ولعله لعسر استقصاء اللسان من أصله، بخلاف الذكر، لكن قاضي خان نفسه حكى في شرحه على الجامع الصغير رواية أبي يوسف في الذكر واللسان وصحح قول الإمام، فإنه قال فيما إذا قطع ذكر مولود بدا صلاحه بالتحرك، وإن قطع الذكر من أصله عمدا اختلفت الروايات فيه‏:‏ روى بشر عن أبي يوسف أنه يجب فيه القصاص‏.‏ وروى محمد عن أبي حنيفة عدمه ا هـ‏.‏ ملخصا‏.‏ ثم قال‏:‏ وإن قطع لسان صبي قد استهل ففيه حكومة عدل؛ لأنه لم يعرف صلاحه بالدليل، وإن تكلم ففيه دية كاملة، ولم يذكر فيه القود فدل على أنه لا يجب القصاص في اللسان قطع كله أو بعضه وهكذا روي عن أبي حنيفة‏.‏ وعن أبي يوسف‏:‏ إذا قطع الكل يجب القصاص، والصحيح قول أبي حنيفة ا هـ‏.‏ وقد علمت أن قول الإمام هو ظاهر إطلاق المتون‏.‏ وفي القهستاني أنه ظاهر رواية‏.‏ وفي تصحيح العلامة قاسم والصحيح ظاهر الرواية ‏(‏قوله إن قطع الذكر ذكره من أصله‏)‏ كذا في عامة النسخ ولفظ الذكر ساقط من عبارة الشرنبلالية، والمراد به الرجل وهو فاعل قطع وذكره مفعوله أي ذكر رجل آخر، واحترز بذلك عما لو كان القاطع أو المقطوع امرأة فإنه لا قصاص كما لا يخفى ‏(‏قوله وأقره في الشرنبلالية‏)‏ لكن قال الشرنبلالي في شرحه على الوهبانية‏:‏ والفتوى على أنه لا قصاص في اللسان والذكر وهو قول الجمهور كما في الهداية وغيرها ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وسيجيء‏)‏ أي في أول كتاب الديات ‏(‏قوله فإن كان القاطع أشل‏)‏ أي في حال القطع، أما إذا كانت يد القاطع صحيحة ثم شلت بعد القطع فلا حق للمقطوع في الأرش لأن حق المقطوع كان متقررا في اليد فيسقط بقدر هلاك المحل ا هـ‏.‏ ط عن الولوالجية ‏(‏قوله أو كان رأس الشاج أكبر‏)‏ بأن كانت الشجة تستوعب ما بين قرني المشجوج دون الشاج، وفي عكسه يخير أيضا؛ لأنه يتعذر الاستيفاء كملا للتعدي إلى غير حقه، وكذا إذا كانت الشجة في طول الرأس وهي تأخذ من جبهته إلى قفاه ولا تبلغ إلى قفا الشاج فهو بالخيار هداية ‏(‏قوله خير المجني عليه إلخ‏)‏ لأن استيفاء الحق كملا متعذر فله أن يتجوز بدون حقه، وله أن يعدل إلى العوض‏.‏ ولو سقطت‏:‏ أي يد الجاني لآفة قبل اختيار المجني عليه أو قطعت ظلما فلا شيء عندنا؛ لأن حقه متعين في القصاص، وإنما ينتقل إلى المال باختياره فيسقط بفواته، بخلاف ما إذا قطعت بحق عليه من قصاص أو سرقة حيث يجب عليه الأرش؛ لأنه‏:‏ أي الجاني أوفى به حقا مستحقا فصارت سالمة له هداية‏.‏ قال الزيلعي‏:‏ بخلاف النفس إذا وجب على القاتل القصاص لغيره فقتل به حيث لا يضمن؛ لأنها ليست بمعنى المال فلم تسلم له ‏(‏قوله مجتبى‏)‏ نقله عنه في المعراج وأقره، وذكره في التتارخانية أيضا ‏(‏قوله لا تقطع الصحيحة بالشلاء‏)‏ هذا نظير ما قدمه من أنه لا تقاد العين الصحيحة بالحولاء‏.‏ وفي التتارخانية إذا كان باليد المقطوعة جراحة لا توجب نقصان دية اليد بأن كان نقصانا لا يوهن في البطش فإنه لا يمنع وجوب القصاص، وإن كان يوهن حتى يجب بقطعه حكومة عدل لا نصف الدية كان بمنزلة اليد الشلاء، لا تقطع الصحيحة بالشلاء ا هـ‏.‏ ملخصا

‏(‏قوله ويسقط القود بموت القاتل‏)‏ ولا يجب للمولى شيء من التركة قهستاني، وكذا يسقط فيما دون النفس كما هو ظاهر أفاده الرملي، وقدمنا آنفا أنه يسقط أيضا لو تلفت يد القاطع لآفة أو ظلما لا لو بحق ‏(‏قوله ولو قليلا‏)‏ بخلاف الخطأ فإن الدية مقدرة شرعا والصلح على أكثر منها ربا‏.‏ وأما القصاص فليس بمال فكان التقويم بالعقد فيقوم بقدر ما أوجبه الصلح قل أو كثر معراج، وبه ظهر أن الظاهر أن يقول ولو كثيرا ليكون إشارة إلى الفرق بين الخطإ والعمد تدبر ‏(‏قوله ويجب حالا عند الإطلاق‏)‏؛ لأنه ثبت بعقد والأصل في مثله الحلول كثمن ومهر حموي، وأشار بقوله عند الإطلاق إلى أنه لا يتأجل إلا بالشرط أفاده البدر العيني آخر فصل الشجاج ط ‏(‏قوله وقيل على العاقلة‏)‏ جرى عليه في الاختيار وشرح المجمع، ورده محشيه العلامة قاسم بما في الأصل والجامع الصغير والمبسوط والهداية والكافي وسائر الكتب أنه على القاتل في ماله‏.‏ قال‏:‏ وهو الثابت رواية ودراية، وتمامه في ط، وكذا رده في تصحيحه بأنه ليس قولا لأحد مطلقا

‏(‏قوله بالصلح‏)‏ متعلق بأمر

‏(‏قوله إن جرح كل واحد جرحا مهلكا‏)‏ أي معا لا متعاقبا كما يعلم من قوله قبل هذا الباب قطع عنقه وبقي من الحلقوم قليل إلخ‏.‏ وفي الجوهرة‏:‏ إذا جرحه جراحة لا يعيش معها وجرحه آخر أخرى فالقاتل هو الأول، وهذا إذا كانت الجراحتان على التعاقب، فلو معا فهما قاتلان ا هـ‏.‏ زاد في الخلاصة‏:‏ وكذا لو جرحه رجل عشر جراحات والآخر واحدة فكلاهما قاتلان؛ لأن المرء قد يموت بواحدة ويسلم من الكثير‏.‏ وفي القهستاني عن الخانية‏:‏ لو قتلا رجلا أحدهما بعصا والآخر بحديد عمدا لا قصاص وعليهما الدية مناصفة‏.‏ وفي حاشية أبي السعود‏:‏ ولو جرح جراحات متعاقبة ومات ولم يعلم المثخن منها وغير المثخن يقتص من الجميع لتعذر الوقوف على المثخن وغيره كما في فتاوى أبي السعود أي مفتي الروم‏.‏ وأما إذا وقف على المثخن وغيره ولا يكون إلا قبل موته فالقصاص على الذي جرح جرحا مهلكا كما في الخلاصة والبزازية ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله؛ لأنه غير متجزئ‏)‏ واشترك الجماعة فيما لا يتجزأ يوجب التكامل في حق كل واحد منهم فيضاف إلى كل واحد منهم كملا كأنه ليس معه غيره كولاية الإنكاح زيلعي وذكر أنه ثبت بإجماع الصحابة رضي الله تعالى عنهم ‏(‏قوله بخلاف الأطراف‏)‏ فإن القطع فيها يتجزأ فلا تقطع الجماعة بقطع الواحد كما سيجيء قريبا ‏(‏قوله وإلا لا‏)‏ شامل لما إذا جرح البعض جرحا مهلكا والبعض جرحا غير مهلك ومات فالقود على ذي الجرح المهلك وعلى الباقين التعزير، وهل يجب عليهم شيء غير التعزير يحرر، وشامل لما إذا جرح كل جرحا غير مهلك أفاده ط‏.‏ وأقول‏:‏ الظاهر في الثانية وجوب الدية عليهم لو عمدا، أو على عاقلتهم لو غير عمد تأمل ‏(‏قوله نظارة‏)‏ بفتح النون وتشديد الظاء المعجمة‏.‏ قال في القاموس‏:‏ القوم ينظرون إلى الشيء ‏(‏قوله أو مغرين‏)‏ من الإغراء‏:‏ أي حاملين له على قتله ‏(‏قوله فلا قود عليهم‏)‏ أي ولا دية ط، بخلاف ما إذا قطع الطريق واحد واستعد الباقون لمعاونته حيث يجري حد قطاع الطريق على جميعهم أبو السعود عن الشيخ حميد الدين ‏(‏قوله فاللام العهد‏)‏ أي الجمع المعهود في ذهن الفقيه وهو الجمع الذي لم يكن معه من لا يجب عليه القود كما مر بيانه ويأتي قريبا‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

عفا الولي عن أحد القاتلين أو صالحه لم يكن له أن يقتص غيره كما في جواهر الفقه وغيره، لكن في قاضي خان وغيره أن له اقتصاصه قهستاني‏.‏ قلت‏:‏ وبالثاني أفتى الرملي كما في أول الجنايات من فتاواه ‏(‏قوله خلافا للشافعي‏)‏ حيث قال‏:‏ يقتل بالأول منهم إن قتلهم على التعاقب، ويقضى بالدية لمن بعده في تركته، وإن قتلهم جميعا معا أو لم يعرف الأول منهم يقرع بينهم ويقضى بالقود لمن خرجت له القرعة وبالدية للباقين، قيل لهم جميعا وتقسم الديات بينهم منح ‏(‏قوله كما مر‏)‏ أي قريبا

‏(‏قوله بأن أخذ إلخ‏)‏ قيد به،؛ لأنه لو أمر أحدهما السكين من جانب والآخر من جانب آخر حتى التقى السكينان في الوسط وبانت اليد لا يجب القود على واحد منهما اتفاقا إذ لم يوجد من كل منهما إمرار السلاح إلا على بعض العضو زيلعي ‏(‏قوله عندنا‏)‏ وعند الشافعي تقطع يداهما اعتبارا بالأنفس ‏(‏قوله لانعدام المماثلة إلخ‏)‏ بيانه أن كل واحد منهما قاطع للبعض؛ لأن ما قطع بقوة أحدهما لم ينقطع بقوة الآخر فلا يجوز أن يقطع الكل بالبعض ولا الثنتان بالواحدة لانعدام المساواة، فصار كما إذا أمر كل واحد من جانب زيلعي، وانظر ما في المنح ‏(‏قوله والقيمة‏)‏ أي الدية ‏(‏قوله بخلاف النفس إلخ‏)‏ ولهذا لا تقطع الصحيحة بالشلاء، ولا يد الحر بعبد أو امرأة، وتقتل النفس السالمة عن العيوب بقتل المعيبة، وكذا الاثنان بالواحد فلا يصح القياس على النفس

‏(‏قوله يميني رجلين‏)‏ قيد به؛ لأنه إذا قطع يمين رجل ويسار آخر تقطع يداه لهما جميعا، وكذلك لو قطعهما من رجل واحد لعدم التضايق ووجود المماثلة أتقاني ‏(‏قوله فلهما قطع يمينه إلخ‏)‏ سواء قطعهما معا أو على التعاقب‏.‏ وقال الشافعي‏:‏ في التعاقب يقطع بالأول، وفي القران يقرع هداية ‏(‏قوله أي على القاطع‏)‏ أي قاطع الرجلين ‏(‏قوله نصف الدية‏)‏ خمسة آلاف درهم وهي دية اليد الواحدة أتقاني، فالمراد نصف دية النفس ‏(‏قوله لما مر إلخ‏)‏ أي قريبا، وأراد بيان الفرق بين الأطراف وبين النفس، فإنه لو قتل لمن حضر سقط حق من غاب، وذلك أن الأطراف في حكم الأموال والقود ثابت لكل على الكمال، فإذا استوفى أحدهما تمام حقه بقي حق الآخر في تمام دية اليد الواحدة، وإنما كان للحاضر الاستيفاء لثبوت حقه بيقين وحق الآخر متردد لاحتمال أن لا يطلب أو يعفو مجانا أو صلحا كما في الدرر

‏(‏قوله ولو قضى بالقصاص بينهما‏)‏ أي وبدية اليد ‏(‏قوله وعند محمد له الأرش‏)‏ أي دية يد كلها وللعافي نصفها مجمع‏.‏ قال شارحه‏:‏؛ لأن القصاص والأرش كان مشتركا بينهما بالقضاء فلما أسقط أحدهما حقه في نصف القصاص بالعفو انقلب نصيب الآخر مالا، فيستوفي العافي نصف الأرش الذي كان مشتركا بينهما وغير العافي تمام الأرش، نصفه من المشترك ونصفه من المنقلب مالا ا هـ‏.‏ قال ط‏:‏ وذكر في البرهان أنه الاستحسان وجعل قولهما قياسا، وظاهره أن المعتمد قول محمد ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ وظاهر الشروح ترجيح قولهما، وعليه اقتصر الأتقاني نقلا عن شرح الكافي ومختصر الكرخي معللا بأن حق كل ثبت في جميع اليد، وإنما ينتقص بالمزاحمة، فإذا زالت بالعفو بقي حق الآخر بحاله كالغريمين والشفيعين ‏(‏قوله ويقاد عبد أقر بقتل عمد‏)‏؛ لأنه غير متهم فيه؛ لأنه مضر به فيقبل ولأنه مبقى على أصل الحرية في حق الدم عملا بالآدمية، حتى لا يصح إقرار المولى عليه بالحدود والقصاص وبطلان حق المولى بطريق الضمان فلا يبالي به هداية ‏(‏قوله وظاهر كلام الزيلعي‏)‏ حيث قال‏:‏ بخلاف الإقرار بالمال؛ لأنه إقرار على المولى بإبطال حقه قصدا؛ لأن موجبه بيع العبد أو الاستسعاء، وكذا إقراره بالقتل خطأ؛ لأن موجبه دفع العبد أو الفداء على المولى‏.‏ ولا يجب على العبد شيء ولا يصح سواء كان محجورا عليه أو مأذونا له في التجارة؛ لأنه ليس من باب التجارة فيكون باطلا ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله يعني لا في حقه إلخ‏)‏ الأولى حذف لا في الموضعين ط ‏(‏قوله معللا‏)‏ أي الزيلعي لا صاحب الأشباه فإنه لم يذكر تعليلا؛ لأنه قال‏:‏ وكذا إقراره بجناية موجبة للدفع أو الفداء غير صحيح بخلافه بحد أو قود ا هـ‏.‏ اللهم إلا أن يقال وصفه الجناية بقوله موجبه إلخ في معنى التعليل ‏(‏قوله فتأمل‏.‏ه‏)‏ يشير إلى أن ما فهمه المصنف من كلام الزيلعي غير ظاهر؛ لأن مفاد التعليل بطلان الإقرار في حالة الرقية إذ لا يتأتى إلزام المولى بالدفع أو الفداء بعد العتق فيطالب به العبد إذا عتق لعدم وجود العلة فافهم‏.‏ ويدل على ذلك تعليل الزيلعي أيضا لبطلان الإقرار بالمال بأنه إقرار على المولى‏.‏ ولا يكون ذلك بعد العتق‏.‏ ولا شبهة أن إقرار العبد المحجور بالمال مؤخر إلى ما بعد العتق، إذ لا ضرر بالمولى بعده، ولذا قال العلامة الرملي إن ما في الجوهرة هو محمل كلام الزيلعي والأشباه بلا اشتباه ا هـ‏.‏ قلت‏:‏ لكن سيذكر الشارح في باب جناية الملوك نقلا عن البدائع أن الخطأ إنما يثبت بالبينة وإقرار المولى لا بإقراره أصلا، وقدمنا في كتاب الحجر عن الجوهرة قولين في المسألة ويأتي تمام بيانه إن شاء الله تعالى فتنبه ‏(‏قوله لكن علله القهستاني إلخ‏)‏ أي علل عدم جواز إقراره العبد بالخطأ والمراد بالعاقلة المولى؛ لأنهم يطلقون عليه أنه عاقلة عبده، وحيث أطلق عليه عاقلة فلا يصح إقرار العبد عليه‏.‏ ثم إن كلام القهستاني لا يفيد أن العبد لا يؤخذ بذلك بعد عتقه خلافا لما أفاده كلام الزيلعي بناء على ما فهمه المصنف من أن إقراره باطل أصلا، وبه ظهر وجه الاستدراك فافهم ‏(‏قوله فتدبر‏.‏ه‏)‏ أي فإنه تعليل صحيح موافق للحديث المجمع على العمل بمقتضاه، فإن العواقل إذا كانت لا تعقل عبدا ولا اعترافا لم يجز إقرار العبد هنا ما لم يصدقه المولى، إذ لو جاز إقراره لزم عقل العبد والاعتراف، هذا ما ظهر لي في تقرير هذا المحل فتأمل‏.‏ وسيأتي إن شاء الله تعالى في كتاب المعاقل بيان معنى الحديث‏.‏

‏(‏قوله؛ لأنه خطأ‏)‏ لأنه لم يقصده بالرمي حيث قصد غيره ولكنه أصابه بالنفاذ من الأول‏:‏ وهو أحد نوعي الخطأ وهو الخطأ في القود، فصار كمن قصد صيدا فأصاب آدميا فوجبت الدية على عاقلته أتقاني، ومفاده أنه لو قصدهما معا كان الثاني عمدا أيضا، وهو ظاهر

‏(‏قوله بحضرة جماعة‏)‏ منهم الثوري وابن أبي ليلى وشريك بن عبد الله منح ‏(‏قوله لو كثروا‏)‏ أي الدافعون ‏(‏قوله فعلى الدافع الدية‏)‏ أي على الدافع الأخير الدية‏.‏ قال الرملي‏:‏ وتتحملها العاقلة كما هو ظاهر تأمل ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وهذه من مناقبه‏)‏ فإن فقهاء زمانه أخطئوا فيها منح

‏(‏قوله فلدغت رجلا‏)‏ بالمهلة فالمعجمة‏:‏ يقال لدغته العقرب والحية كمنع لدغا وتلداغا، ويقال لذعته النار بالذال المعجمة والعين المهملة كما في القاموس، وأما بالمعجمتين في بعض النسخ فلم أره ‏(‏قوله ضمن‏)‏ مقتضى جواب أبي حنيفة في المسألة السابقة أن تقيد هذه باللدغ فورا، أما إذا مكثت ساعة بعد الإلقاء ثم لسعت لا يضمن فتدبر‏.‏ه ط‏.‏ قلت‏:‏ وهو المستفاد من قولهم فلدغت حيث عبروا بالفاء، ولكن هذا ظاهر فيما لو ألقاها على رجل، فلو في الطريق فقد قال في الخانية‏:‏ أي ألقى حية في الطريق فهو ضامن لما أصابت حتى تزول عن ذلك المكان ا هـ‏.‏

‏(‏قوله فديته على رب السيف‏)‏ أي على عاقلته كحافر البئر تأمل ‏(‏قوله وقيمته على العاثر‏)‏ زاد في التتارخانية بعده فقال‏:‏ وإن عثر بالسيف ثم وقع عليه فانكسر ومات الرجل ضمن صاحب السيف دية العاثر ولا يضمن العاثر شيئا ا هـ‏.‏ وفيها‏:‏ عثر ماش بنائم في الطريق فانكسر أصابعهما فمات فعلى عاقلة كل ما أصاب الآخر

‏(‏قوله إن أشهد عليه ضمن‏)‏ والواجب في الدماء على العاقلة، وفي الأموال على المالك خاصة كما سيأتي في الحائط المائل رملي ‏(‏قوله وقال في البدائع إلخ‏)‏ قال في المنح بعده قلت‏:‏ وبه جزم في البزازية، ولم يحك خلافا ولا أشعر به ا هـ‏.‏ أقول‏:‏ الذي في البزازية له كلب عقور كلما مر عليه مار عضه لأهل القرية أن يقتلوه‏.‏ وإن عض إنسانا فقتله فإن قبل التقدم إليه فلا ضمان، وإن بعده عليه الضمان كالحائط قبل الإشهاد وبعده‏.‏ وفي المنية في مسألة نطح الثور يضمن بعد الإشهاد النفس والمال ا هـ‏.‏ فأين الجزم به‏.‏ وقال في البزازية قبل هذا أدخل بقرا نطوحا في سرح إنسان فنطح جحشا لا يضمن ا هـ‏.‏ فإن كان توهم من هذا الجزم فهو توهم ساقط؛ لأن وضعه فيما لم يشهد عليه كما هو ظاهر رملي، وسيأتي تمام ذلك في آخر جناية البهيمة إن شاء الله تعالى ومحل ذكر هذه المسألة هناك

‏(‏قوله وله منها ولد‏)‏ أي فإن القصاص يسقط عن الدم كما قدمه المصنف في قوله ويسقط قود ورثه على أبيه فلذا سقط عن الشريك ‏(‏قوله وكعامد مع مخطئ‏)‏ أو مع من كان فعله شبه عمد كضرب بعصا كما سبق

‏(‏قوله فرأى رجلا مع امرأته‏)‏ أو امرأة رجل آخر يزني بها خانية ‏(‏قوله حل له‏)‏ قيده في الخانية بما إذا كان محصنا وبما إذا صاح فلم يمتنع عن الزنا، وفي القيد الأول كلام، فقد رده ابن وهبان بأن ذلك ليس من الحد بل من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر‏.‏ قال في النهر، وهو حسن، فإن هذا المنكر حيث تعين القتل طريقا في إزالته طريقا فلا معنى لاشتراط الإحصان فيه ولذا أطلقه البزازي ا هـ‏.‏ ‏(‏قوله وقد حققناه في باب التعزير‏)‏ أي في أوله‏.‏ وذكر فيه أيضا أن المرأة لو كانت مطاوعة قتلهما، وأنه لو أكرهها فلها قتله ودمه هدر وكذا الغلام ا هـ‏.‏ أي إن لم يمكن التخلص منه بدون قتله

‏(‏قوله وكذا لو أعطى صبيا عصا أو سلاحا‏)‏ أي ليمسكه له ولم يأمره بشيء فعطب الصبي بذلك منح‏.‏ قال في التتارخانية لم يرد بقوله عطب أنه قتل نفسه فإنه لا ضمان على المعطي، إنما أراد أنه سقط من يده على بعض بدنه فعطب به ا هـ‏.‏ وفي الخلاصة‏:‏ دفع السلاح إلى الصبي فقتل نفسه أو غيره لا يضمن الدافع بالإجماع ‏(‏قوله فمات‏)‏ أي في هذا العمل‏.‏ وفي الخلاصة‏:‏ ولو أمر عبد الغير بكسر الحطب أو بعمل آخر ضمن ما تولد منه ط ‏(‏قوله فقولان‏)‏ والمختار الضمان أيضا تتارخانية

‏(‏قوله صبي على حائط إلخ‏)‏ قيد بالصبي؛ لأن الكبير إذا صاح به شخص لا يضمن كما يفيده كلامهم هنا وفي مواضع أخر، لكن في التتارخانية‏:‏ صاح على آخر فجأة فمات من صيحته تجب فيه الدية ا هـ‏.‏ فيحمل الأول على ما إذا لم يكن فجأة أو اختلاف الرواية‏.‏ وفي مجمع الفتاوى، لو غير صورته وخوف صبيا فجن يضمن ا هـ‏.‏ رملي ملخصا ‏(‏قوله ضمن‏)‏ كما لو قال ألق نفسك في الماء أو في النار وفعل فهناك يضمن كذا هنا تتارخانية، والله تعالى أعلم‏.‏

فصل في الفعلين

أخره؛ لأنه بمنزلة المركب من المفرد ‏(‏قوله ولو كانا عمدين‏)‏ الصواب إسقاط الواو لتكون لو شرطية؛ لأنها مع الواو تكون وصلية فتفيد أنه يؤخذ بالأمرين في جميع الصور فيناقض قوله إلا في الخطأين إلخ تأمل ‏(‏قوله فيؤخذ بالأمرين في الكل‏)‏ قال في الكفاية، اعلم أنه لا يخلو القطع والقتل من أن يتخلل بينهما برء أو لا، فإن تخلل يعتبر كل فعلا‏.‏ ويؤخذ بموجبهما؛ لأن الموجب الأول تقرر بالبرء فلا يدخل أحدهما في الآخر حتى لو كانا عمدين فللولي القطع والقتل، ولو خطأين يجب دية ونصف دية، ولو القطع عمدا والقتل خطأ ففي اليد القود وفي النفس الدية، ولو بالعكس ففي اليد نصف الدية وفي النفس القود، وإن لم يتخلل برء فلو أحدهما عمدا والآخر خطأ اعتبر كل على حدة، ففي الخطإ الدية، وفي العمد القود، ولو خطأين فالكل جناية واحدة اتفاقا فتجب دية واحدة، ولو عمدين، فعندهما يقتل ولا يقطع‏.‏ وعنده إن شاء الولي قطع وقتل، إن شاء قتل، ولا يعتبر اتحاد المجلس وهو الظاهر‏.‏ وروي عن نصر بن سلام أنه كان يقول الخلاف فيما إذا قطع يده في مجلس وقتله في آخر، فلو في مجلس واحد يقتل ولا يقطع عندهم ا هـ‏.‏ ملخصا ‏(‏قوله إلا في الخطأين‏)‏ استثناء من قوله أخذ بالأمرين طوري ‏(‏قوله فتجب فيهما دية واحدة‏)‏ أي دية القتل،؛ لأن دية القطع إنما تجب عند استحكام أثر الفعل وهو أن يعلم عدم السراية، وتمامه في ابن كمال ‏(‏قوله صار ثمانية‏)‏ وكل منهما إما من شخص واحد أو شخصين صار ستة عشر، فإن كانا من شخصين يفعل بكل واحد منهما موجب فعله من القصاص وأخذ الأرش مطلقا؛ لأن التداخل إنما يكون عند اتحاد المحل لا غير عناية ‏(‏قوله فبرئ من تسعين إلخ‏)‏ هذا إذا ضرب عشرة في موضع وتسعين في موضع آخر فبرئ موضع التسعين وسرى موضع العشرة، وإلا لا يمكن الفرق بين سراية العشرة وبرء التسعين معراج ‏(‏قوله وعن أبي يوسف في مثله حكومة عدل‏)‏ أي مع الدية رملي ‏(‏قوله وتجب حكومة عدل‏)‏ تفسيرها أنه لو كان عبدا مجروحا بهذا كم قيمته وبدون الجراحة كم قيمته، فيضمن التفاوت الذي بينهما في الحر من الدية وفي العبد من القيمة كفاية ‏(‏قوله مع دية النفس‏)‏ فيه أن المسألة مفروضة فيما إذا بقي أثر الجراحة ولا يكون ذلك إلا بعد البرء ولذا قيد المسألة في الملتقى بقوله ولم يمت ‏(‏قوله فعجز المجروح عن الكسب‏)‏ أي مدة الجرح‏.‏ وانظر ما لو عجز عن الكسب أصلا‏.‏ والظاهر أنه بعد الحكم بموجبه من الأرش أو حكومة العدل لا يجب شيء ط ‏(‏قول جاء بعوان‏)‏ المراد به الواحد من أتباع الظلمة، والأولى التعبير بالعون فإنه كما في القاموس الظهير للواحد والجمع والمؤنث ويكسر أعوانا ا هـ‏.‏؛ لأنه يظاهر الظالم ويعينه‏.‏ وفي البزازية‏:‏ أفتوا بأن قتل الأعونة والسعاة جائز في أيام الفتنة ط ملخصا ‏(‏قوله والظاهر أنه‏)‏ أي أن ما في جواهر الفتاوى مفرع على قول محمد أي على ما روي عن محمد كما تقدم من أن الجراحة التي لم يبق لها أثر تجب فيها أجرة الطبيب وثمن الأدوية أفاده الرملي، فافهم، هذا‏.‏ وفي الفتاوى النعمية لشيخ مشايخنا السائحاني‏:‏ إذا ضرب يد غيره فكسرها وعجز عن الكسب فعلى الضارب المداواة والنفقة إلى أن يبرأ، وإذا برئ وتعطلت يده وشلت وجبت ديتها، والظاهر أنه يحسب المصروف من الدية ا هـ‏.‏ وفيها‏:‏ المجروح إذا صح وزال الأثر فعلى الجارح ما لحقه من أجرة الطبيب وثمن الأدوية، وهو قولهما والاستحسان ذكره الصدر ا هـ‏.‏ ملخصا تأمل، ويأتي في الشجاج إن شاء الله تعالى ‏(‏قوله وقدمنا‏)‏ أي في الباب السابق ‏(‏قوله نحوه‏)‏ أي نحو ما عن محمد ‏(‏قوله وسنحققه في الشجاج‏)‏ أي في آخر بابها وحاصله أن قول أبي يوسف عليه أرش الألم هو المراد من قول محمد المتقدم

‏(‏قوله ومن قطع إلخ‏)‏ بالبناء للمجهول، وحاصله أن العفو إما عن عمد أو خطإ، وعلى كل فإما عن القطع وحده أو عن الجناية أو عن القطع وما يحدث منه فإن كانت الجناية عمدا وعفا عن القطع لا يكون عفوا عن السراية خلافا لهما، وإن عفا عن الجناية أو عن القطع وما يحدث منه يبرأ عن القطع والسراية، وإذا كانت خطأ فعفا عن القطع ثم سرى فعلى الخلاف، ولو عفا عن القطع وما يحدث منه أو عن الجناية صح عن الكل، والعمد من جميع المال، والخطأ من الثلث ‏(‏قوله بدليل ما يأتي‏)‏ حيث فصل في المسألة الآتية بين العمد والخطإ وأطلق هنا ‏(‏قوله لكن في القهستاني إلخ‏)‏ استدراك على الإطلاق فإنه يفيد اشتراك العمد والخطأ في جميع أحكام القطع مع أنه سيأتي أن الدية تجب في مال القاطع فيتعين كون المراد العمد فقط؛ لأن الصواب أن الدية في الخطإ على العاقلة‏.‏ وأجاب في الكفاية بأن قوله في ماله بيان لأحد النوعين أي عليه الدية في ماله إن كان عمدا ا هـ‏.‏ لكن المصنف لم يقيد بقوله في ماله فلا يرد عليه ذلك ‏(‏قوله وكذا لو شج‏)‏ مستغنى عنه بقول المصنف الآتي والشجة مثله ط ‏(‏قوله فعفا عن قطع إلخ‏)‏ أي ولم يقل وما يحدث منه ولم يقل عن الجناية ‏(‏قوله ضمن قاطعه‏)‏ وكذا شاجه أو جارحه ‏(‏قوله في ماله‏)‏؛ لأن العاقلة لا تتحمل العمد ‏(‏قوله خلافا لهما‏)‏ حيث قالا هو عفو عن النفس أيضا؛ لأنه يراد به العفو عن موجبه ‏(‏قوله وهو غير القتل‏)‏ وكان ينبغي أن يجب القصاص وهو القياس؛ لأنه هو الموجب للعمد إلا أن في الاستحسان تجب الدية؛ لأن صورة العفو أورثت شبهة، وهي دارئة للقود هداية ‏(‏قوله ولو عفا عن الجناية‏)‏ أي الواقعة عمدا أو خطأ سواء ذكر معها ما يحدث منها أو لم يذكر قهستاني ‏(‏قوله فهو عفو عن النفس‏)‏؛ لأن الجناية تشمل الساري منها وغيره، وعفوه عن القطع وما يحدث منه صريح في ذلك بخلاف القطع وحده فإنه غير القتل كما قدمه فلا يشمل الساري ‏(‏قوله فلا يضمن شيئا‏)‏ أي من الدية، وهذا ظاهر في العمد، وكذا في الخطأ لو خرج من الثلث، وإلا فعلى عاقلته بقدره كما أفاده في الشرنبلالية‏.‏ ‏(‏قوله فالخطأ إلخ‏)‏ أي العفو في الخطأ يعتبر من الثلث‏.‏ قال في المحيط‏:‏ ويكون هذا وصية للعاقلة سواء كان القاتل واحدا منهم أو لا؛ لأن الوصية للقاتل إذا لم تصح للقاتل تصح للعاقلة كمن أوصى لحي وميت فالوصية كلها للحي ا هـ‏.‏ وبه ظهر فساد ما اعترض أن الوصية للقاتل لا تصح وبأنه كواحد من العاقلة فكيف جازت بجميع الثلث فتأمل‏.‏ طوري ‏(‏قوله من ثلث ماله‏)‏؛ لأن الخطأ موجبه المال ويتعلق به حق الورثة فيعتبر من الثلث هداية ‏(‏قوله وإلا فعلى العاقلة ثلثا الدية‏)‏ أي إن لم يكن للعافي مال غيرها، فإن كان فبحسابه، فلو قال وإلا فعلى العاقلة بقدره لكان أخصر وأظهر ‏(‏قوله ومفاده‏)‏ أي مفاد اعتبار العفو من الثلث أن العافي لو كان صحيحا أي في حكم الصحيح، بأن لم يصر صاحب فراش، وفسره في التتارخانية بأن كان يخرج ويجيء ويذهب بعد الجناية لا يعتبر من الثلث بل يعتبر من جميع المال، وهذا قول بعض المشايخ‏.‏ قال في التتارخانية‏:‏ وذكر في المنتقى أنه من الثلث ‏(‏قوله والعمد من كله‏)‏ اعترض بأن الموجب هنا هو القود وهو ليس بمال فلا وجه للقول بأنه من كل المال ا هـ‏.‏ وقد يجاب بأن القود هنا سقط بالعفو، لكن لما كان للعافي أن يصالح على الدية كان مظنة أن يتوهم أن في عفوه إبطالا لحق الورثة فيها فقال‏:‏ إنه من جميع المال؛ لأن الموجب الأصلي هو القود، وحقهم إنما يتعلق بالمال تأمل ‏(‏قوله والشجة مثله‏)‏ وكذا الجراحة كما قدمه فالعفو عن الشجة أو الجراحة كالعفو عن القطع في ضمان الدية بالسراية خلافا لهما، والعفو عنهما مع ما يحدث منهما كالعفو عن القطع وما يحدث منه

‏(‏قوله قطعت امرأة إلخ‏)‏ هذه المسألة مفرعة على المسألة السابقة كما في التتارخانية ‏(‏قوله لما يأتي‏)‏ أي من بيان حكم العمد والخطإ ‏(‏قوله فلو أطلق‏)‏ أي لم يقيد بالعمد كما فعل في المسألة السابقة ‏(‏قوله على يده‏)‏ أي موجب يده معراج ‏(‏قوله من السراية‏)‏ أي سراية القطع إلى الهلاك، وقيد به ليشمل ما إذا لم يمت أصلا أو مات من غيره ‏(‏قوله فمهرها الأرش‏)‏ وهو خمسة آلاف درهم كفاية ‏(‏قوله ولو عمدا‏)‏ وسواء تزوجها على القطع أو على القطع وما يحدث منه أو على الجناية ؛ لأنه لما برئ تبين أن موجبها الأرش دون القصاص؛ لأن القصاص لا يجري في الأطراف بين الرجل والمرأة والأرش يصلح صداقا كفاية ‏(‏قوله عند أبي حنيفة‏)‏ أصله ما مر في المسألة المتقدمة أن العفو عن القتل أو الشجة أو اليد إذا سرى إلى النفس ليس بعفو عن النفس عنده‏.‏ وعندهما عفو عنها أتقاني‏.‏ فعندهما الحكم هنا كالحكم الأتي فيما إذا نكحها على اليد وما يحدث منها ‏(‏قوله إن تعمدت‏)‏ قيد لقوله والدية في مالها‏.‏ أما وجوب مهر المثل فهو مطلق؛ لأن القطع إن كان عمدا يكون تزوجا على القصاص في الطرف وهو ليس بمال فلا يصلح مهرا فيجب لها مهر المثل‏.‏ لا يقال‏:‏ القصاص لا يجري بين الرجل والمرأة في الطرف فكيف يكون تزوجا عليه؛ لأنا نقول الموجب الأصلي للعمد القصاص، وإنما سقط للتعذر، ثم عليها الدية في مالها؛ لأن التزوج وإن كان يتضمن العفو لكن عن القصاص في الطرف، وإذا سرى يتبين أنه قتل النفس ولم يتناوله العفو فتجب الدية في مالها؛ لأنه عمد وإن كان القطع خطأ يكون هذا تزوجها على أرش اليد، وإذا سرى إلى النفس تبين أن لا أرش لليد وأن المسمى معدوم فيجب مهر المثل ابن كمال ‏(‏قوله وإلا ترادا الفضل‏)‏ أي إن كان في الدية فضل ترده على الورثة، وإن كان في المهر فضل يرده الورثة عليها ابن كمال ‏(‏قوله والدية على العاقلة في الخطأ‏)‏ أي والمهر للمرأة، وإنما تكون المقاصة إذا اتحدت الذمة في الوجوب لها وعليها كما في العمد أتقاني ‏(‏قوله لكنه إلخ‏)‏ هو للشرنبلالي في حاشية الدرر‏.‏ وحاصله أن وجوب الدية على القاتل في الخطأ إنما هو في العجم‏:‏ أي من لا عاقلة له، فلا تجب على القاتل مطلقا، وهذا مراد صاحب الدرر، وإنما لم يقيد بالعجم إحالة إلى محله‏:‏ أي اعتمادا على ذكره في محله‏.‏ وأقول‏:‏ فيه نظر، بل مراد صاحب الدرر أنها على القاتل مطلقا، يوضحه ما في الكفاية حيث قال‏.‏

مطلب الصحيح أن الوجوب على القاتل ثم تتحمله العاقلة

لا يقال‏:‏ إن الصحيح أنه يجب على القاتل ثم تتحمله العاقلة فيكون أصل الوجوب على القاتل، واعتبار هذا يوجب جواز المقاصة؛ لأنا نقول‏:‏ عند البعض العاقلة ابتداء‏.‏ وعند بعضهم تتحمله العاقلة عن القاتل بطريق الحوالة والحوالة توجب البراءة فلا تقع المقاصة ا هـ‏.‏ تأمل ‏(‏قوله ثم مات منه‏)‏ أي من القطع ‏(‏قوله مهر المثل‏)‏؛ لأنه نكاح على القصاص لما قدمناه أنه الموجب الأصلي في العمد والقصاص ليس بمال فيجب مهر المثل كما إذا نكحها على خمر أو خنزير ‏(‏قوله لرضاه بالسقوط‏)‏؛ لأنه لما جعل القصاص مهرا فقد رضي بسقوطه لجهة المهر فيسقط أصلا ابن كمال ‏(‏قوله ولو خطأ رفع عن العاقلة مهر مثلها إلخ‏)‏؛ لأن التزوج على اليد وما يحدث منها أو على الجناية تزوج على موجبها وموجبها الدية هنا وهي تصلح مهرا فصحت التسمية إلا أن قدر مهر مثلها يعتبر من جميع المال؛ لأنه ليس فيه محاباة‏.‏ والمريض لا يحجر عليه في التزوج؛ لأنه من الحوائج الأصلية فيسقط قدر مهر المثل من جميع المال، وما زاد على ذلك من الثلث؛ لأنه تبرع والدية تجب على عاقلتها وقد صارت مهرا فسقط كلها عنهم إن كان مهر مثلها مثل الدية أو أكثر، ولا ترجع عليهم بشيء؛ لأنهم كانوا يتحملون عنها بسبب جنايتها، فإذا صار ذلك ملكا لها سقط عنهم قدر مهر مثلها لما ذكرناه‏.‏ وما زاد على ذلك ينظر، فإن خرج من الثلث سقط عنهم قدر الثلث وأدوا الزيادة إلى الولي؛ لأن الوصية لا نفاذ لها إلا من الثلث ا هـ‏.‏ زيلعي‏.‏ قلت‏:‏ ووجه كونه وصية للعاقلة أنه قد أسقط الدية بمقابلة المهر والدية في الخطأ على العاقلة فيكون قد أسقط لهم ما زاد على المهر تبرعا، فافهم‏.‏

‏(‏قوله لسرايته‏)‏ أي لسراية القطع الأول إلى القتل، واستيفاء القطع لا يسقط القود كمن له القود في النفس إذا قطع يد القاتل ‏(‏قوله؛ لأنه لما أقدم إلخ‏)‏ جوابه أنه إنما أقدم على القطع ظنا منه أن حقه فيه وبعد السراية تبين أن حقه في القود فلم يكن مبرأ عنه بدون العلم به كما في الهداية‏.‏ واستشكله ابن الكمال بما حاصله أنهم في المسألة المارة وهي ما إذا قطع فعفا عن القطع فمات عللوا سقوط القصاص بأن صورة العفو تكفي في سقوطه؛ لأنها تورث شبهة ولم يلتفتوا إلى أنه لا يكون مبرأ عنه بدون العلم به فأوجبوا الدية‏.‏ قال الرحمتي‏:‏ ويجاب بالفرق بأن العافي عن القطع ظهر منه الميل إلى العفو، بخلاف هذا فإنه استوفى ما ظهر له أنه واجب له فلم توجد منه صورة العفو ‏(‏قوله يفيد تقوية قول أبي يوسف‏)‏ فيه أنه لا يعارض ما عليه المتون والشروح ط‏.‏ على أنك سمعت الجواب عنه ‏(‏قوله ولو مات المقتص منه‏)‏ مقابل قوله فمات المقطوع الأول ‏(‏قوله فديته على عاقلة المقتص له‏)‏؛ لأن حقه في القطع وقد قتل‏.‏ قال الأتقاني‏:‏ ولكن الدية على العاقلة؛ لأنه في معنى الخطإ؛ لأنه أراد استيفاء حقه من القطع ولم يرد القتل ‏(‏قوله خلافا لهما‏)‏ فعندهما لا يضمن شيئا؛ لأنه استوفى حقه وهو القطع، ولا يمكن التقييد بوصف السلامة لما فيه من سد باب القصاص، إذ الاحتراز عن السراية ليس في وسعه ابن كمال ‏(‏قوله بلا حكم الحاكم‏)‏ ظاهره أنه لو استوفاه بنفسه بعد حكم الحاكم لا يضمن فتأمل‏.‏ ‏(‏قوله وأما الحاكم إلخ‏)‏ أي إذا قطع يد السارق فمات‏:‏ وهذه المسائل استشهد بها الإمامان لقولهما، فإنه لا ضمان فيها فنبه الشارح على الفرق بأن إقامة الحدود واجبة على الإمام، وكذا فعل الحجام ونحوه واجب العقد، فلا يتقيد بالسلامة وفي مسألتنا الولي مخير بل العفو مندوب إليه فيتقيد بها للأصل المذكور ‏(‏قوله والبزاغ‏)‏ أي البيطار ‏(‏قوله والمباح يتقيد به‏)‏ استثنى منه ما إذا وطئ زوجته فأفضاها أو ماتت، فلا ضمان عليه مع كونه مباحا لكون الوطء أخذ موجبه وهو المهر، فلا يجب به آخر أي ضمان آخر أشباه ط ويأتي تمامه ‏(‏قوله ومنه‏)‏ أي من المباح وهذا على قول الإمام ويأتي تمامه قريبا ‏(‏قوله ومن الأول‏)‏ أي الواجب قال الشارح في باب التعزير‏:‏ وفي القنية له إكراه طفله على تعلم قرآن وأدب وعلم لفرضيته على الوالدين، وله ضرب اليتيم فيما يضرب ولده ا هـ‏.‏ وأفاد أن الأم كالأب في التعليم بخلاف التأديب كما يأتي ‏(‏قوله بإذن الأب‏)‏ أي أو بإذن الوصي ولو ضرب بغير إذنهما يضمن كما يأتي ط ‏(‏قوله تعليما‏)‏ علة لقوله ضرب ‏(‏قوله مقيد‏)‏ أي بوصف السلامة ‏(‏قوله ومحله في الضرب المعتاد‏)‏ أي كما وكيفا ومحلا فلو ضربه على الوجه أو على المذاكير، يجب الضمان بلا خوف ولو سوطا واحدا؛ لأنه إتلاف أبو السعود عن تلخيص الكبرى ط ‏(‏قوله من ضرب أبيه أو وصيه‏)‏ قيد بهما؛ لأن الأم إذا ضربت للتأديب تضمن اتفاقا، وبقوله تأديبا إذ لو ضربه كل منهما للتعليم لا يضمن اتفاقا ا هـ‏.‏ غرر الأفكار ‏(‏قوله وإن الضرب بإذنهما‏)‏ أي إذن الأب والمولى، وكذا الوصي ومفاده أنهما لو ضرباه بنفسهما لا ضمان أيضا اتفاقا‏.‏ وقدمناه آنفا لكن في الخانية‏:‏ ضرب ولده الصغير في تعليم القرآن ومات قال أبو حنيفة‏.‏ يضمن الدية ولا يرثه وقال أبو يوسف‏:‏ يرثه ولا يضمن، وإن ضربه المعلم بإذن الوالد لا يضمن المعلم ا هـ‏.‏ وفي الولوالجية‏:‏ ضرب ابنه في أدب أو الوصي ضرب اليتيم فمات يضمن عنده، وكذا إن ضربه المعلم بلا إذنهم ضمن، وإن بإذن فلا؛ لأن الأب والوصي مأذونان في التأديب، بشرط السلامة؛ لأنهما يملكان التصرف في نفسه وماله لو خيرا له أما المعلم إنما أدبه بإذنهم والإذن منهم وجد مطلقا لا مقيدا ا هـ‏.‏ وظاهره أنه لا فرق عند أبي حنيفة في ضمان الأب في التأديب والتعليم والظاهر أنه رواية أخرى تأمل ‏(‏قوله قيل هذا‏)‏ أي قول الإمام بعدم ضمان المعلم بالإذن من الأب، وفيه أن الخلاف في ضرب التأديب، والكلام هنا في ضرب التعليم، وهو واجب لا يتقيد بالسلامة، ولا خلاف فيه أفاده ط‏.‏ أقول‏:‏ في حاشية الشرف الغزي عن الصغرى قال أبو سليمان‏:‏ إذا ضرب ابنه على تعليم القرآن أو الأدب فمات ضمن عنده لا عند أبي يوسف ا هـ‏.‏ وقدمنا آنفا عن الخانية مثله وعليه يظهر الرجوع ولا يحتاج إلى الفرق الذي ذكرناه عن الولوالجية، وتقدم في كتاب الإجارات عند قوله‏:‏ وضمن بضربها وكبحها عن غاية البيان أن الأصح رجوعه إلى قولهما وكذا نقله البيري عن كفاية المجيب فتدبر‏.‏ ‏(‏قوله؛ لأن تأديبها للولي‏)‏ هذا التعليل غير ظاهر؛ لأن مفاده أن الولي لا يضمن مع أن الأب يضمن بضرب ابنه تأديبا على ما مر، والأظهر قول البيري؛ لأنه لنفع نفسه بخلاف تعزير القاضي، فإنه لنفع المضروب ا هـ‏.‏ وتقدم في باب التعزير ما للزوج ضربها عليه ‏(‏قوله وهو‏)‏ أي ما في المتن مذكور في الأشباه وغيرها مطلقا، وقوله‏:‏ كما قدمناه أي في ضمن قوله وتمامه في الأشباه، وإلا لم يقدمه صريحا، والمراد أنه مذكور في الأشباه وغيرها مطلقا عن ذكر الخلاف كما قدمنا في المتن، فإن عبارة المتن تفيد أن الزوج يضمن اتفاقا، وبه صرح ابن ملك وغيره وعليه فقوله‏:‏ وفي ديات المجتبى إلخ كالاستدراك عليه تأمل ‏(‏قوله وتمامه ثمة‏)‏ قال فيه‏:‏ ولو ضرب ابنه تأديبا إن ضربه حيث لا يضرب للتأديب، أو فوق ما يضرب للتأديب فعطب فعليه الدية والكفارة، وإذا ضربه حيث يضرب للتأديب، ومثل ما يضرب فكذلك عند أبي حنيفة وقالا‏:‏ لا شيء عليه، وقيل‏:‏ رجع إلى قولهما، وعلى هذا التفصيل، والخلاف الوصي والزوج إذا ضرب اليتيم أو زوجته تأديبا، وكذا المعلم إذا ضرب الصبي بإذن الأب أو الوصي لتعليم القرآن أو عمل آخر مثل ما يضرب فيه لا يضمن هو ولا الأب ولا الوصي بالإجماع، فأبو حنيفة أوجب الدية والكفارة على الأب، ولم يوجبها على المعلم إذا كان بإذنه وقيل هذا رجوع من أبي حنيفة إلى قولهما في حق الأب ولو ضرب المعلم بدون إذنه فمات يضمن، والوالدة إذا ضربت ولدها تأديبا لا شك أنها تضمن على قوله وعلى قولهما اختلاف المشايخ ا هـ‏.‏ منح

‏(‏قوله ضرب امرأة فأفضاها‏)‏ أي جعل مسلك بولها وحيضها أو حيضها وغائطها واحدا والوطء كالضرب كما يأتي والمراد بها الأجنبية أما الزوجة إذا وطئها فأفضاها فلا شيء عليه، وإن لم يستمسك بولها عندهما، وعند أبي يوسف كالأجنبية واعتمده ابن وهبان بتصريحهم بأن عشرة أشياء تجب بها الدية كاملة منها سلس البول، ورده الشرنبلالي بأنه في غير هذه المسألة لنص الإمام ومحمد، على أن لا شيء هنا أي؛ لأنه بفعل مأذون فيه، وقيد قولهما بما إذا كانت بالغة مختارة مطيقة لوطئه، ولم تمت منه فلو صغيرة أو مكرهة أو لا تطيق تلزم ديتها اتفاقا بالموت والإفضاء، وأطال في ذلك جدا فراجعه ‏(‏قوله ففيه ثلث الدية‏)‏؛ لأنها جائفة ط ‏(‏قوله وإلا فكل الدية‏)‏ أي دية المرأة؛ لأنه فوت جنس المنفعة على الكمال ‏(‏قوله حدا‏)‏ أي حد كل منهما ولا غرم أي لا شيء عليه في الإفضاء لرضاها به ولا مهر لوجوب الحد، ولو ادعى شبهة فلا حد ولا شيء في الإفضاء ويجب العقد ‏(‏قوله فعليه الحد‏)‏ أي دونها لإكراهها ‏(‏قوله وأرش الإفضاء‏)‏ أي ثلث الدية إن استمسكت، وإلا فكلها وقوله لا العقر؛ لأنه لا يجتمع مع الحد وتمامه في ط‏.‏

‏[‏تتمة‏]‏

لو زنى بأمة فقتلها به عليه الحد بالزنا والقيمة بالقتل، ولو أذهب عينها لزمه قيمتها وسقط الحد لتملكه الجثة العمياء فأورث شبهة وتفصيل ما لو أفضاها في الشرح كذا ذكره الشارح في كتاب الحدود قبيل باب الشهادة على الزنا ‏(‏قوله فعليه نصف دية‏)‏ أي نصف دية العين أبو السعود؛ لأنه وقع بفعل مأذون ط‏.‏ أقول‏:‏ يظهر لي أن المراد نصف دية النفس التي هي دية العين ثم رأيت الرحمتي فسرها كذلك، ويدل عليه مسألة الختان الآتية قبيل القسامة، فإنه إذا أمر ليختن صبيا فقطع الحشفة، ولم يمت الصبي فعليه دية الحشفة كاملة وهي دية النفس تأمل ‏(‏قوله سئل محمد‏)‏ لفظة محمد زائدة على ما في القنية ‏(‏قوله فانفتح‏)‏ الذي في القنية فانتفخ بالتاء قبل الفاء وبالخاء المعجمة ‏(‏قوله مليا‏)‏ أي ساعة طويلة ‏(‏قوله ثم قال لا إلخ‏)‏ لا ينافي مسألة العين المارة آنفا ؛ لأنه هنا لم يجاوز ما أمر به ‏(‏قوله إذا كان الشق بإذن‏)‏ فلو بدونه فالظاهر القصاص ويحرر ط ‏(‏قوله ولم يكن فاحشا‏)‏ تفسير لما قبله ط ‏(‏قوله خارج الرسم‏)‏ أي العادة ط ‏(‏قوله قلت إلخ‏)‏ قائله المصنف في المنح، واعترضه الرملي بأنه بعيد عن اصطلاح الفقهاء لعدم ما يطلق عليه اسم الأمانة إذ هي المال القابل لإثبات اليد عليه، واستظهر أن العلة كونه غير مقدور عليه كما هو شرط المكفول به والله تعالى أعلم‏.‏